Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة المائدة - الآية 54

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ۚ ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) (المائدة) mp3
يَقُول تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ قُدْرَته الْعَظِيمَة أَنَّ مَنْ تَوَلَّى عَنْ نُصْرَة دِينه وَإِقَامَة شَرِيعَته فَإِنَّ اللَّه يَسْتَبْدِل بِهِ مَنْ هُوَ خَيْرًا لَهَا مِنْهُ وَأَشَدّ مَنَعَة وَأَقْوَم سَبِيلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِل قَوْمًا غَيْركُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالكُمْ " وَقَالَ تَعَالَى " إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيد وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّه بِعَزِيزٍ " أَيْ بِمُمْتَنِعٍ وَلَا صَعْب وَقَالَ تَعَالَى هَهُنَا " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدّ مِنْكُمْ عَنْ دِينه " أَيْ يَرْجِع عَنْ الْحَقّ إِلَى الْبَاطِل قَالَ مُحَمَّد بْن كَعْب نَزَلَتْ فِي الْوُلَاة مِنْ قُرَيْش وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ نَزَلَتْ فِي أَهْل الرِّدَّة أَيَّام أَبِي بَكْر " فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّه بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ" قَالَ الْحَسَن هُوَ وَاَللَّه أَبُو بَكْر وَأَصْحَابه رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة سَمِعْت أَبَا بَكْر بْن عَيَّاش يَقُول : فِي قَوْله " فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّه بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ " هُمْ أَهْل الْقَادِسِيَّة وَقَالَ لَيْث بْن أَبِي سُلَيْم عَنْ مُجَاهِد هُمْ قَوْم مِنْ سَبَأ وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا ابْنُ سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْأَجْلَح عَنْ مُحَمَّد بْن عَمْرو عَنْ سَالِم عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس قَوْله " فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّه بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ " قَالَ نَاس مِنْ أَهْل الْيَمَن ثُمَّ مِنْ كِنْدَة مِنْ السَّكُون . وَحَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُصَفَّى حَدَّثَنَا مُعَاوِيَة يَعْنِي اِبْن حَفْص عَنْ أَبِي زِيَاد الْحَلْفَانِيّ عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر عَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ سُئِلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله " فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّه بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ" قَالَ هَؤُلَاءِ قَوْم مِنْ أَهْل الْيَمَن ثُمَّ مِنْ كِنْدَة ثُمَّ مِنْ السَّكُون ثُمَّ مِنْ تَجِيب وَهَذَا حَدِيث غَرِيب جِدًّا وَقَالَ اِبْن أَبَى حَاتِم حَدَّثَنَا عُمَر بْن شَبَّة حَدَّثَنَا عَبْد الصَّمَد يَعْنِي اِبْن عَبْد الْوَارِث حَدَّثَنَا شُعْبَة عَنْ سِمَاك سَمِعْت عِيَاضًا يُحَدِّث عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ" فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّه بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ " قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هُمْ قَوْم هَذَا" وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير مِنْ حَدِيث شُعْبَة بِنَحْوِهِ وَقَوْله تَعَالَى" أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّة عَلَى الْكَافِرِينَ " هَذِهِ صِفَات الْمُؤْمِنِينَ الْكُمَّل أَنْ يَكُون أَحَدهمْ مُتَوَاضِعًا لِأَخِيهِ وَوَلِيّه مُتَعَزِّزًا عَلَى خَصْمه وَعَدُوّهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " مُحَمَّد رَسُول اللَّه وَاَلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّار رُحَمَاء بَيْنهمْ " وَفِي صِفَة رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ الضَّحُوك الْقَتَّال فَهُوَ ضَحُوك لِأَوْلِيَائِهِ قَتَّال لِأَعْدَائِهِ وَقَوْله " عَزَّ وَجَلَّ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيل اللَّه وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَة لَائِم " أَيْ لَا يَرُدّهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ طَاعَة اللَّه وَإِقَامَة الْحُدُود وَقِتَال أَعْدَائِهِ وَالْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر لَا يَرُدّهُمْ عَنْ ذَلِكَ رَادٌّ وَلَا يَصُدّهُمْ عَنْهُ صَادّ وَلَا يَحِيك فِيهِمْ لَوْم لَائِم وَلَا عَذْل عَاذِل قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَفَّان حَدَّثَنَا سَلَام أَبُو الْمُنْذِر عَنْ مُحَمَّد بْن وَاسِع عَنْ عَبْد اللَّه بْن الصَّامِت عَنْ أَبِي ذَرّ قَالَ أَمَرَنِي خَلِيلِي - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَبْعٍ : أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِين وَالدُّنُوّ مِنْهُمْ وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُر إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَلَا أَنْظُر إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِل الرَّحِم وَإِنْ أَدْبَرَتْ وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَل أَحَدًا شَيْئًا وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُول الْحَقّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَخَاف فِي اللَّه لَوْمَة لَائِم وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِر مِنْ قَوْل لَا حَوْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاَللَّهِ فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْز تَحْت الْعَرْش وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَة حَدَّثَنَا صَفْوَان عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى أَنَّ أَبَا ذَرّ - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - قَالَ بَايَعَنِي رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسًا وَوَاثَقَنِي سَبْعًا وَأَشْهَدَ اللَّهَ عَلَيَّ سَبْعًا أَنِّي لَا أَخَاف فِي اللَّه لَوْمَة لَائِم قَالَ أَبُو ذَرّ فَدَعَانِي رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ هَلْ لَك إِلَى بَيْعَة وَلَك الْجَنَّة قُلْت نَعَمْ وَبَسَطْت يَدِي فَقَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يَشْتَرِط عَلَيَّ أَنْ لَا تَسْأَل النَّاس شَيْئًا قُلْت نَعَمْ قَالَ وَلَا سَوْطَك وَإِنْ سَقَطَ مِنْك يَعْنِي تَنْزِل إِلَيْهِ فَتَأْخُذهُ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد أَيْضًا حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن حَدَّثَنَا جَعْفَر عَنْ الْمُعَلَّى الْفِرْدَوْسِيّ عَنْ الْحَسَن عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُول بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّب مِنْ أَجَلٍ وَلَا يُبَاعِد مِنْ رِزْق أَنْ يَقُول بِحَقٍّ أَوْ أَنْ يُذَكِّر بِعَظِيمٍ " تَفَرَّدَ بِهِ" أَحْمَد وَقَالَ أَحْمَد حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق أَنَا سُفْيَان عَنْ زُبَيْد عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسه أَنْ يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ فِيهِ مَقَال فَلَا يَقُول فِيهِ فَيُقَال لَهُ يَوْم الْقِيَامَة : مَا مَنَعَك أَنْ تَكُون قُلْت فِيّ كَذَا وَكَذَا ؟ فَيَقُول مَخَافَةُ النَّاسِ فَيَقُول إِيَّايَ أَحَقُّ أَنْ تَخَاف . وَرَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث الْأَعْمَش عَنْ عَمْرو بْن مُرَّة بِهِ وَرَوَى أَحْمَد وَابْن مَاجَهْ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَبْد الرَّحْمَن أَبِي طُوَالَة عَنْ نَهَار بْن عَبْد اللَّه الْعَبْدِيّ الْمَدَنِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " : إِنَّ اللَّه لَيَسْأَل الْعَبْد يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْأَلهُ يَقُول لَهُ أَيْ عَبْدِي أَرَأَيْت مُنْكَرًا فَلَمْ تُنْكِرهُ ؟ فَإِذَا لَقَّنَ اللَّهُ عَبْدًا حُجَّتَهُ قَالَ أَيْ رَبِّ وَثِقْت بِك وَخِفْت النَّاسَ " وَثَبَتَ فِي الصَّحِيح مَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلّ نَفْسَهُ قَالُوا وَكَيْف يُذِلُّ نَفْسَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : " يَتَحَمَّل مِنْ الْبَلَاء مَا لَا يُطِيق " " ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء " أَيْ مَنْ اِتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَات فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَضْل اللَّه عَلَيْهِ وَتَوْفِيقه لَهُ " وَاَللَّه وَاسِع عَلِيم " أَيْ وَاسِع الْفَضْل عَلِيم بِمَنْ يَسْتَحِقّ ذَلِكَ مِمَّنْ يَحْرِمُهُ إِيَّاهُ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • هل العهد الجديد كلمة الله؟

    هل العهد الجديد كلمة الله؟ : المسيحية تؤمن أن أسفار العهد الجديد هي كلمة الله التي كتبها رجال الله القديسون بإلهام من الروح القدس، وفي هذه الرسالة إجابة على هذا السؤال هل تؤيد الشواهد العلمية والأدلة التاريخية بل والنصوص الكتابية، ما قاله القرآن عن تحريف هذه الكتب وزور نسبتها إلى الله أم أن العهد الجديد سلم من التحريف والتبديل والعبث البشري كما يؤمن النصارى؟

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/228824

    التحميل:

  • حكمة وأسباب تحريم لحم الخنزير في العلم والدين

    حكمة وأسباب تحريم لحم الخنزير في العلم والدين: تأليف: الطبيب سليمان قوش. • تميزت هذه الدراسة بما حشدته من آراء الأقدمين من الفلاسفة والأطباء والمتدينين وآراء المعاصرين الذين استقصوا أنواع الطفيليات والجراثيم الموجودة في الخنزير ولحمه والأمراض الناتجة عن أكل لحمه فكانت النتائج مخيفة والإحصائيات للإصابات والوفيات رهيبة مرعبة. • متتبعة القضية في مختلف الشرائع السماوية خاتمة ذلك ببحث لأحد الرهبان المبشرين وهو أحد شهود القضية من أهلها ومتعاطيها. • ثم كان القول الفصل من كتاب الله تعالى تأكيدا على أن تحريم الخنزير يتفق مع الفطرة البشرية من جانب، ومع العقيدة الإسلامية من جانب آخر، وأن الإسلام في النهاية لا يريد إلا الحياة الطيبة للجنس البشري.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/205974

    التحميل:

  • زاد المعاد في هدي خير العباد

    يعتبر هذا الكتاب - زاد المعاد في هدي خير العباد - من أفضل ما كتب في هديه - صلى الله عليه وسلم - تقريب لهديه في سائر جوانب حياته؛ لنقتدي به ونسير على هديه - صلى الله عليه وسلم -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/35239

    التحميل:

  • جزء البطاقة

    جزء البطاقة: فهذا جزء حديثي لطيف أملاه الإمام أبو القاسم حمزة بن محمد الكناني - رحمه الله تعالى - قبل موته بتسعة أشهر، ساق فيه بإسناده أحد عشر حديثًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في مواضيع مختلفة.

    المدقق/المراجع: عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد البدر

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/348313

    التحميل:

  • منزلة الصلاة في الإسلام وعظم شأنها

    منـزلة الصلاة في الإسلام وعظم شأنها: خطبةٌ مُفرغة تحدث فيها المؤلف - حفظه الله - عن: الصلاة، وأنها أعظم ركن في أركان الإسلام، وأنها عمود الدين، وهي أول ما يُحاسَب عليه العبد يوم القيامة، وآخر وصيةٍ للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2120

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة